أحمد دحام.. رحيل النجم الذي انتقل إلى الرشيد بأوامر عليا

قلائل هم اللاعبون الذين يصمدون في أذهان الجماهير لفترات طويلة، فهم الذين يملكون من البصمات داخل وخارج الملعب ما يجعلهم في صدارة الذاكرة الرياضية.

من هؤلاء لاعب الأمانة، الجيش، الرشيد، الطلبة، القوة الجوية، الكرخ، الشمال القطري، والخور الفطري، ومنتخبات العراق: الشباب، الأول، والعسكري، أحمد دحام( رحمة الله عليه)، مسيرة طويلة للاعب تميز بدماثة الخلق، الالتزام، الانضباط داخل وخارج الملعب، كما تميز بحبه الشديد للمنتخب العراقي وحرصه الدائم على دعمه.

ولد أحمد دحام كريم 1969، بدأ ممارسة كرة القدم منذ نعومة أظفاره، انضم إلى الفرق الشعبية في منطقة البلديات ببغداد حيث بدأ يفرض تميزه على أقرانه، ما جعل المتابعين له يتوقعون له مستقبلاً جيداً في عالم الكرة، لذا نصحوه بضرورة صقل موهبته بشكل علمي مع فرق الفئات العمرية في الأندية المحلية، وبالفعل أخذ دحام عام 1981، بهذه النصيحة والتحق بفريق ناشئي نادي الجيش الذي كان يدربه محمد حسين عبد الرسول، ونظراً للمستوى الجيد الذي قدمه مع فريق الناشئين، قرر مدرب شباب نادي الجيش ضمه إلى صفوف فريقه بعد أن وجد فيه مواصفات جيدة قابلة للتطور، حيث تعلم من المدرب الذي كان يحمل الجنسية الرومانية الكثير من الأمور التي تخص اللعب الخططي، وكيفية التسديد على المرمى، وكذلك كيفية مناورة المدافعين من أجل فسح المجال لزميل آخر لتهديد المرمى.

كان دحام يطمح أن يكون أحد لاعبي الخط الأول لفريق الجيش، إلا أن هذا الطموح قد اصطدم بوجود عدد هائل جداً من لاعبي المنتخب الوطني والفرق الجماهيرية في صفوف الفريق، لذلك وجد احمد دحام الأبواب أمامه شبه مغلقة، ما جعله ينتقل للعب مع فريق شركة الهلال الذي كان يشرف على تدريبه الراحل عبد الواحد وشيح، وبعد أن أكد وجوده مع فريق شركة الهلال، فضّل دحام عام 1985 الانضمام إلى فريق الأمانة، حيث منحه المدرب صباح عبد الجليل فرصة التواجد مع فريقه الذي خاض معه أول مباراة رسمية في دوري الكبار ضد القوة الجوية في ملعب الكشافة، لكن نتيجة المباراة كانت قاسية جداً على دحام وزملائه، حيث فاز الجويون ( 4-1) لكن مع ذلك أعطت هذه المباراة دافعاً جيداً للاعب الجديد احمد دحام لكي يثبت أقدامه بصورة أفضل في المباريات المقبلة، لكن في المرحلة الثانية من الدوري سمح للاعبين بالانتقال، حيث تلقى احمد دحام دعوة من مدرب الجيش عبد الإله عبد الحميد، وقد منحه هذا المدرب ثقة مطلقة بعد أن وجد فيه مواصفات اللاعب الهداف وبالفعل كان دحام عند حُسن ظن مدربه، ونال لقب ثاني هداف بطولة الدوري العراقي بعد زميله في الجيش رحيم حميد، وبفارق هدف واحد فقط، حيث سجل دحام 13 هدفاً، وحميد 14.

تمكن أحمد دحام من تأكيد جدارته في مباراة الجيش والرشيد بعد أن سجل هدفين بشكل رائع، إلا أنه لم يعلم أن هذا البروز سيكون ثمنه الانتقال من الجيش إلى الرشيد وبأوامر عليا لا يمكن رفضها، وفي أول مباراة له مع الرشيد وكانت ضد الزوراء استطاع دحام هزّ شباك الزوراء، وانتهت المباراة بالتعادل ( 1-1)، حيث تمكن من فرض وجوده مع الفريق الذي كان يضم خيرة لاعبي العراق وأسهم معه في تحقيق العديد من البطولات المحلية والعربية والآسيوية.

وفي عام 1987 قرر شيخ المدربين الراحل عمو بابا ضم أحمد دحام إلى صفوف المنتخب الأولمبي الذي كان يلعب في تصفيات دورة سيول الاولمبية وخاض دحام أول مباراة دولية في حياته ضد منتخب الإمارات، وكانت مباراة تاريخية جرت في الشارقة وفاز أسود الرافدين بثلاثية نظيفة، حيث شارك أحمد دحام بديلا للاعب الكبير حسين سعيد، وبعدها واصل دحام تواجده مع المنتخبات الوطنية المختلفة، حيث كان ضمن المنتخب العسكري الذي لعب في تصفيات كأس العالم العسكرية “السيزم” وتمكن من تسجيل هدف جميل في مرمى الإمارات، بالمباراة التي جرت بينهما في بغداد، إلا أن العراق لم يواصل مسيرته في هذه التصفيات نتيجة خسارته مباراة الإياب بهدف نظيف، كما شارك في تصفيات كأس العالم 1989، ثم شارك في بطولة أمم آسيا التي جرت في الإمارات 1996، ويومها خاض آخر مبارياته الدولية وكانت ضد الإمارات أيضاً حيث كانت بدايته الدولية ضد الإمارات والخاتمة أيضاً ضد الإمارات.

في عام 1990 قرر أحمد دحام اللعب مع فريق النفط بعد أن تم حل نادي الرشيد، ورحب به مدرب الفريق مجبل فرطوس، وشارك مع النفط في بطولة ودية جرت بأربيل، وأسهم بفوزه في تلك البطولة، إلا أنه لم يستمر طويلاً مع هذا الفريق، إذ سرعان ما عاد من جديد إلى فريق الرشيد، الذي أصبح اسمه الكرخ، وبقي معه حتى عام 1993، ومن الجدير ذكره أن أحمد دحام حمل كأس العراق لاعبا، مساعد مدرب، ومدربا.

بعد الاعتزال اتجه دحام إلى التدريب، درب العديد من الأندية، القوة الجوية( حقق معه كأس العراق)، نفط ميسان، كربلاء، الناصرية، الرمادي، البقعة الأردني، حتى وافته المنية إثر نوبة قلبية خلال محاضرة لفريق المصافي الذي كان يشرف عليه، رحم الله دحام الذي يعد رحيله خسارة كبيرة للرياضة العراقية.

زر الذهاب إلى الأعلى