عمو بابا.. مدرب القرن العشرين عراب الكرة العراقية
ولد عمانويل داود المعروف بعمو بابا 27 نوفمبر 1934، في مدينة الحبانية غرب بغداد، بدأ حياته الرياضية بعيدًا عن كرة القدم فكان بطل العراق بألعاب القوى (400م موانع)، وبطل الرصافة بكرة المضرب، اكتشف موهبته الكروية المدرب والمعلق المشهور إسماعيل محمد، ففي عام 1950م، وأثناء بطولة مدارس العراق بملعب الكشافة، شاهد إسماعيل محمد لاعبا في فريق مدرسة الحبانية الابتدائية، فاستدعاه وسأله عن اسمه فقال: عمانؤيل، وجريا على العادة الإنجليزية في إطلاق أسماء مختصرة قرر إسماعيل محمد أن يكون اسمه عمو بابا اعتبارًا من ذلك اليوم، وفي1951م، شارك العراق في الدورة العربية المدرسية بالقاهرة، وفي مباراة مصر منح المدرب إسماعيل محمد الفرصة لعمو بابا للمشاركة لأول مرة، وبعد انتهاء الدورة، أكد أنه سيصبح نارًا على علم في يوم ما.
لعب عمو بابا لعديد الأندية العراقية وأهمها، الحرس الملكي، القوة الجوية، أمانة بغداد، الكلية العسكرية، وهو من أشهر لاعبي زمانه، فهو هداف العراق الذي اعتبر المهاجم الظاهرة، بعد أن ترك بصماته الهجومية والتهدبفية، منذ أول ظهور له مع أسود الرافدين في الدورة العربية ببيروت، ثم مع المنتخب الأولمبي في تصفيات دورة روما 1960.
يعتبر شيخ المدربين عمو بابا أكثر المدربين العراقيين شهرة، لدوره الكبير في رسم ملامح مسيرة كرة القدم في العراق لاعبا ومدربا، حتى تخطت شهرته المحلية وذاع صيته في المنطقة لتاربخه الكروي الزاخر بالإنجازات، واتسم بأسلوبه التدريبي والتربوي الصارم مع اللاعبين فكان مصدر إرهاق وقلق لهم رغم اعتزازهم الكبير بشخصيته.
قاد عمو بابا المنتخب العراقي في أكثر من 150 مباراة دولية وودية، حقق العديد من الإنجازات، منها الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الآسيوية بالهند 1982، وبطولة الخليج 3 مرات، وهو صاحب أول هدف دولي لأسود الرافدين عام 1957 في شباك منتخب المغرب أثناء بطولة كأس العرب الثانية، كما أنه أول من نفذ ضربة (double click) في العراق، لكنه اعتزل مبكرا نتيجة الإصابة، وتوجّهَ نحو التدريب.
قاد عمو بابا منتخب العراق العسكري للحصول على كأس العالم لكرة القدم، عامي 1972، 1977، ثم تسلّم مهمة تدريب منتخب أسود الرافدين عام 1979، وحقق في تلك السنة كأس الخليج العربي، كما قاد العراق إلى حمل لقب كأس الخليج في 1982 و1984، ليصبح أول مدير فني خليجي يحقق اللقب لثلاث مرات، كما وصل إلى نهائيات الألعاب الأولمبية 3 مرات أعوام 80 و84 و88، وأحرز كأس العرب، وذهبية الألعاب الآسيوية، وكان أكبر إنجازاته قيادة العراق إلى نهائيات كأس العالم بالمكسيك 1986.
وعلى الصعيد المحلي، قاد عمو بابا نادي الطلبة إلى كأس الدوري العراقي عام 1981، وتولى قيادة نادي الزوراء عام 1994، وفي أغسطس 2005 اختارته اللجنة الأولمبية ووزارة الرياضة في السويد، سفيرا للرياضة العراقية لدى السويد، تثمينا لتاريخه الزاخر بالإنجازات مع المنتخبات العراقية، وفي عام 2000 مُنح لقب مدرب القرن العشرين من قبل لجنة المحررين الرياضيين في نقابة الصحفيين العراقية.
يعد عمو بابا أشهر لاعبي زمانه وهداف العراق الأول في العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين، منحه الاتحاد العراقي وسام الاتحاد تقديرا لمسيرته، وهو المدرب الوحيد الذي نال هذا الوسام الرفيع.
كان عمو بابا وراء ظهور سلسلة طويلة من نجوم الكرة العراقية، أهمهم، حسين سعيد، عدنان درجال، كريم صدام، أحمد راضي، راضي شنيشل، ليث حسين، وحبيب جعفر، وغيرهم الكثير.
توفي عمو بابا في 27 مايو 2009 بمستشفى دهوك للطوارئ بعد أن طرأ تغيّر مفاجئ على صحته، حيث عانى لسنوات من مرض السكري، وشهد تشييع جثمانه حضور رسمي على أعلى المستويات، وأُجريت مراسيم جنازته في كاتدرائية مريم العذراء للكنيسة الشرقية القديمة ببغداد، ودُفن حسب وصيته في ملعب الشعب الذي شهد تألقه كلاعب ومدرب.